ابراهيم بن سليمان الموسى |
المؤشرات تكشف عن تكالب غير مسبوق على بلاد الحرمين الشريفين؛ ليس ممن هم محسوبون في عداد الأعداء فقط، بل وممن كنا نحسبهم في عداد الأصدقاء أيضًا. ومن تلك المؤشرات قانون الكونجرس الأمريكي ومؤتمر جروزني والتهديد الصفوي.
ولعل من إيجابيات تكشُّف هذه المخاطر أنها أحدثت فرزًا اختصر علينا كثيرًا من الجهد والوقت بحيث أصبحنا نعرف من معنا ممن ضدنا. لو أنفقنا الكثير لأجل هذا الفرز لما تحقق بمثل هذا الوضوح في المواقف؛ ما يسهل علينا رسم خطط التصدي لها وتفنيدها.
وفي خضم البحث عن أفضل الممارسات للتصدي لهذه المواقف، لن نقول للجميع كما قال أحد رؤساء الدول العظمى: "من ليس معنا فهو ضدنا.. ومع أن الحق أحق أن يتبع، فنحن ندرك أن هناك مساحة للحياد الإيجابي، بل قد يكون الوصول إلى إقناع بعض الدول بالحياد الإيجابي هدفًا في حد ذاته إن لم يكن ممكنًا استمالتها معنا. ولكن هذا الحياد لا نتوقعه من بعض من تربطنا بهم وشائج العقيدة واللغة والمصير المشترك؛ هذا فضلًا على أن نتوقع منهم أن يقلبوا لنا ظهر المجن ومواقفنا المشهودة معهم لم يجف حبرها بعد.
وعمومًا.. رُب ضارة نافعة؛ فبعدما اتضحت المواقف وأصبح اللعب على المكشوف، فإن الأمر يتطلب مواجهة ذلك بخطة استراتيجية للتحرك لا تقل عن خطة 2030 من حيث الأهمية وما بذل فيها من جهد، وبمسارات متعددة ومتوازية، وبخارطة طريق لكل مسار توضح آليات العمل وما يلزم من تفاصيل وبما يكفل تسخير كافة الطاقات المادية والبشرية المتاحة لنا، وهي -بحمد الله- كبيرة، وما يعوزها سوى قليل من التنظيم والتنسيق.
فعلى سبيل المثال، لا ينبغي لنا ترك ساحة الإعلام الأمريكي لأمثال ظريف -كما في مقالة في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية- لنفث سمومه وأحقاده ومغالطاته على المملكة دون أن يكون هناك خطة للتصدي له ولأمثاله؛ فإذا كان للباطل جولة فإن للحق ألف جولة وجولة؛ وذلك من خلال مسار للتحرك أفقيًّا وعموديًّا إن جاز التعبير.
ففي المسار الأفقي يكون هناك مقالات في ذات الصحيفة وإن تعذر ففي صحف أخرى بذات المستوى، مثل واشنطن بوست وغيرها، ولا أظن أننا سنعدم من العلاقات المميزة والتاريخية في المجتمع الأمريكي ما يمكننا من ترتيب مثل هذه الأمور وعلى رأس الدبلوماسية السعودية وزير ذو خبرة ودراية ببيئة العمل في المجتمع الأمريكي. وفي المسار العمودي التصدي لكل مقال تعليقًا وردًّا على المغالطات في الموقع الإلكتروني المخصص للمقال بالصحيفة نفسها وبلغة القوم نفسها.
ولدينا لهذا الأمر كفاءات وطنية بعشرات الآلاف ممن لديهم القدرة والإمكانية ثقافة ولغة في التصدي لتلك المغالطات، خاصةً من أتيحت لهم الفرصة لاكتساب جزء من تعليمهم في تلك المجتمعات وأصبح لديهم رصيد خبرة بها ينبغي استثماره في الدفاع عن الوطن.
ذلك كله كان على سبيل المثال لما يمكن إدراجه من تفاصيل في آليات عمل متكاملة في إطار تحرك استراتيجي؛ فما يواجه الوطن حاليًّا من هجمات شرسة يمكن إدراجه ضمن التحديات التاريخية. ولدينا -ولله الحمد- في المملكة العربية السعودية قيادة على مستوى هذه التحديات.
إرسال تعليق